تقديــم مــركز المصــــــالحة والوســاطة والتحكيــم للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة


لقد أبرز دستور 1989، اتجاه الدولة نحو اقتصاد السوق، حيث يرتكز على مبدأين أساسيين، هما مبدأ حماية الملكية الخاصة ومبدأ المنافسة وحرية التجارة.

وقد أدى مبدأ حرية التجارة إلى رفع احتكار التجارة الخارجية وتشجيع الاستثمار الخاص وإخضاع الشركات العامة للقانون الخاص.

وبالنتيجة أصبحت شركاتنا الخاصة أو العامة محل تحمل مسؤوليتها القانونية عن مستقبلها. فالتفاوض على عقودهم الدولية يقع تحت مسؤوليتهم الوحيدة. إلا أن من أهم البنود التي يتعين عليهم التفاوض بشأنها هو ما يتعلق بتسوية منازعاتهم التجارية.

وبالفعل، فإن تعديل قانون الإجراءات المدنية في تاريخ 25 أبريل 1993، سمح للشركات الخاصة والعامة باللجوء بشكل لا لبس فيه إلى التحكيم الداخلي والدولي لحل نزاعاتها الاقتصادية والتجارية.

حيث أنه في الوقت الراهن يمكن لشركاتنا أن تُدخِل شرط التحكيم في العقود الدولية ولكن في كثير من الأحيان لا تكون هذه الشركات قادرة على تنفيذ مثل هذه الإجراءات وخاصة عندما يتعين القيام بذلك في مراكز التحكيم لدى البلدان البعيدة.

فتستغل الشركات الأجنبية هذا الضعف للجوء إلى التحكيم الدولي.

ولمنع هذا الخلل في الدفاع عن مصالح شركاتنا من التفاقم والإضرار في نهاية المطاف باقتصادنا بأكمله، كان علينا الرد واقتراح الحلول.

ومن الطبيعي أن تستثمر الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة في السماح لشركاتنا بالاستفادة من طريقة الدفع هذه وحل خلافاتها بدلاً من الاضطرار إلى تحملها.

وللقيام بذلك، قامت الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة بعدد من المبادرات.

كان من الضروري أولاً الدخول إلى هياكل التجارة الدولية. وللقيام بذلك، قرر مسؤولو الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، بالتعاون مع شخصيات من عالم الأعمال والقانون، إنشاء جمعية قادرة على التعاون مع غرفة التجارة الدولية.

وتقدمت هذه الجمعية بطلب العضوية إلى الغرفة الدولية للتجارة التي تم قبولها  في تاريخ 24/04/2000، وبذلك تم إنشاء لجنة الغرفة الدولية للتجارة في الجزائر.

مثل جميع لجان غرفة التجارة الدولية الأخرى في جميع أنحاء العالم، تتمثل مهمة لجنتنا في تعزيز التجارة الدولية وتسهيل تسوية النزاعات في هذا المجال، من خلال المصالحة والوساطة والتحكيم.

وعلاوة على ذلك، فإننا بحاجة إلى توعية شركاتنا بهذه الطريقة في حل النزاعات، والتي لم يعتادوا عليها.

منذ 2001، قامت الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة رفقة لجنة الجزائر لغرفة التجارة الدولية بتنظيم ست (06) ندوات ومؤتمرات حول التحكيم الدولي.

وعقب هذه الحملات التحسيسية، بادر أعضاء اللجنة إلى إنشاء مركز المصالحة والوساطة والتحكيم للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة غرفة. ولإعطاء هذا المركز كل فرصة للنجاح، يجب أن يكون مقبولا من قبل الشركات الجزائرية والشركات الأجنبية على حد سواء. وللقيام بذلك، حرص المسؤولون عن المركز على إنشاءه باستخدام الخبرات الوطنية، إضافة إلى الخبرات الأجنبية. ويتجلى هذا الأخير من خلال إبرام اتفاقيات الشراكة مع مركز الوساطة والتحكيم التابع لغرفة تجارة باريس من جهة ومع الغرفة الدولية للتجارة من جهة أخرى.

وستتيح هذه الاتفاقات تدريب الوسطاء والمحكمين وموظفي الأمانة، لتحسين الإجراءات وتقديم دعم وثائقي كبير.

تلخص لوائح التحكيم الصادرة عن الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، في جميع أحكامها، النهج والمبادئ المذكورة أعلاه. ومع ذلك، فإن المقصود من هذه اللائحة أن تكون بسيطة وعملية وقابلة للإتقان.

وحتى يتسنى لشركاتنا من تسوية خلافاتها بشكل محكم، بات من الضروري أن تتلقى دعما وافرا من الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة،  وذلك بتركيز جهود هذه الأخيرة على التحكيم الداخلي في تسوية النزاعات، وبالتالي تمكين هذه الشركات من إتقان طريقة التسوية بشكل أفضل.

وللقيام بذلك لا بد من تسليط الضوء على مزايا التحكيم، وهي:

اختيار المهارات: (الخبرة):

ويتم اختيار المحكمين بدقة على أساس كفاءتهم وجديتهم واستقامتهم، ويعتمد تعيينهم على مؤهلاتهم للتعامل مع النزاع المقدم. حيث يتم تعيين المحكم فقط للمسائل التي يكون له سيطرة كاملة عليها في جميع المجالات.

السرعة:

وبصرف النظر عن بعض القضايا المعقدة بشكل استثنائي، فإن إجراءات التحكيم تكون مختصرة وبالنسبة للأطراف تتلخص في تقديم المذكرات أو تقديم الملاحظات، يتم الاستماع إلى القضية بشكل عام بسرعة إلى حد ما.

سرية تسوية الخلاف:

إجراءات التحكيم هي طريقة لحل النزاعات التي تغطيها السرية. على عكس جلسات المحكمة. فإن جلسات مركز المصالحة والوساطة والتحكيم تُعقد خلف أبواب مغلقة؛ ولا يُسمح للجمهور بحضور جلسات التحكيم، مما يمنع الشركات من تشويه صورتها من خلال التأثيرات الضارة للإعلان.

سرعة تنفيذ:

وينبغي أن نتذكر أن قرارات التحكيم غالبا ما تكون حلولا يتم التفاوض عليها بين الأطراف. وينبغي أن نتذكر أيضاً أن هذه الأحكام لا تخضع لأي استئناف على أساس موضوعي. ويعني هذان السببان أنه في جميع الحالات تقريبًا، وخلافًا لقرارات المحكمة، يتم تنفيذ قرارات التحكيم على الفور.

ولكل هذه الأسباب، يوصى الآن بشدة بإدراج شروط التحكيم في العقود التي تبرمها الشركات.

في حالة فشل ذلك، وحتى في حالة عدم وجود هذا النوع من البنود، يجوز للأطراف، إذا اتفقوا، تقديم تسوية نزاعهم إلى مركز المصالحة والوساطة والتحكيم التابع للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة.

التحكيم هو أسلوب تسوية النزاعات الأنسب لمتطلبات المرونة والسرعة، وهو عامل يحدد الإدارة الجيدة للشركة وسيسمح لنا بكسب ثقة الشركات الأجنبية، وخاصة تلك العاملة في الجزائر، لجعلها تقبل مركزنا كمكان للتحكيم. مما سيمنع بالتالي شركاتنا من الذهاب إلى بلدان بعيدة.

من خلال توليها جميع مهامها، والتي يعد تحقيق العدالة أنبلها، فإن الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، ممثلة جميع غرف التجارة والصناعة في البلاد، ستعمل بالتالي على زيادة فائدتها وفعاليتها، لصالح الأعمال من ناحية ولصالح اقتصاد البلاد ككل من ناحية أخرى.